قصص من سوء الخاتمة

السلام عليكم

بسم الله الرحمن الرحيم

يذكر الإمام ابن القيم الجوزية في كتابه ( الجواب الكافي لمن سأل عن
الدواء الشافي) قصصا كثيرة فيها من العبر والعظات من شؤم سوء الخاتمة .

القصة الأولى : يروى أنه كان بمصر رجل يلزم المسجد للأذان والصلاة فيه
وعليه بهاء الطاعة وأنوار العبادة فرقى يوما المنارة على عادته للأذان وكان
تحت المنارة دارا لنصراني فاطلع فيها فرأي ابنة صاحب الدار فافتن بها فترك
الأذان ونزل إليها ودخل الدار عليها فقالت له: ما شأنك وما تريد؟ قال:
أريدك. قالت: لماذا؟ قال: قد سلبت لبي وأخذت بمجامع قلبي. قالت: لا أجيبك
إلى ريبة أبدا. قال: أتزوجك. أنت مسلم وأنا نصرانية وأبي لا يزوجني منك.
قال: أتنصر. قالت: إن فعلت أفعل فتنصر الرجل ليتزوجها وأقام معهم في الدار
فلما كان في أثناء ذلك اليوم رقى إلى سطح كان في الدار فسقط منه فمات فلم
يظفر بها وفاته دينه .

القصة الثانية : يروى أن رجلا عشق شخصا فاشتد كلفه به وتمكن حبه من قلبه
حتى وقع ألما به ولزم الفراش بسببه وتمنع ذلك الشخص عليه واشتد نفاره عنه
فلم تزل الوسائط يمشون بينهما حتى وعده أن يعوده فأخبر ه بذلك الناس. ففرح
واشتد سروره وانجلى غمه وجعل ينتظره للميعاد الذي ضربه له فبينا هو كذلك إذ
جاءه الساعي بينهما فقال: أنه وصل معي إلى بعض الطريق ورجع فرغبت إليه
وكلمته فقال: أنه ذكرني وفرح بي ولا أدخل مداخل الريب ولا أعرض نفسي لمواقع
التهم فعاودته فأبى وانصرف فلما سمع البائس ذلك أسقط في يده إلى أشد مما
كان به وبدت عليه علائم الموت فجعل يقول في تلك الحال:


يا سلم يا راحة العليل ويا شفاء المدنف النخيل
رضاك أشهى إلي فؤادي من رحمة الخالق الجليل
فقلت: له يا فلان اتق الله قال: قد كان فقمت عنه فما جاوزت باب داره حتى سمعت صيحة الموت فعياذا بالله من سوء العاقبة وشؤم الخاتمة .

القصة الثالثة : وقيل لآخر: قل لا إله إلاّ الله فجعل يقول: أين الطريق إلى حمام منجاب؟.

قال: وهذا الكلام له قصة وذلك أن رجلا كان واقفا بإزاء داره وكان بابها
يشبه باب هذا الحمام فمرت به جارية لها منظر فقالت: أين الطريق إلى حمام
منجاب؟ فقال هذا حمام منجاب فدخلت الدار ودخل وراءها. فلما رأت نفسها في
داره وعلمت أنه قد خدعها أظهرت له البشرى والفرح باجتماعها معه. وقالت له:
خدعة منها له وتحيلا لتتخلص مما أوقعها فيه وخوفا من فعل الفاحشة يصلح أن
يكون معنا ما يطيب به عيشنا وتقربه عيوننا فقال لها: الساعة آتيك بكل ما
تريدين وتشتهين وخرج وتركها في الدار ولم يغلقها فأخذ ما يصلح ورجع فوجدها
قد خرجت وذهبت ولم تخنه في شيء فهام الرجل وأكثر الذكر لها وجعل يمشي في
الطرق والأزقة ويقول:
يارب قائلة يوما وقد تعبت أين الطريق إلي حمام منجاب ؟
فبينما هو يوما يقول ذلك وإذا بجاريته أجابته من طاق:
هل لا جعلت سريعا إذ ظفرت بها حرزا على الدار أو قفلا على الباب
فازداد هيمانه واشتد هيجانه ولم يزل كذلك حتى كان هذا البيت آخر كلامه من الدنيا.

القصة الرابعة : ويروي أن بعض رجال الناصر نزل به الموت فجعل ابنه يقول له:
قل لا إله إلاّ الله فقال الناصر مولاي فأعاد عليه القول فقال مثل ذلك
أصابته غشية فلما أفاق قال: الناصر مولاي وكان هذا دأبه كلما له قيل لا إله
إلاّ الله قال: الناصر مولاي ثم قال: لابنه يا فلان الناصر إنما يعرفك
بسيفك والقتل القتل ثم مات على ذلك.


القصة الخامسة : وقيل لآخر ممن أعرفه- قل لا إله إلاّ الله فجعل يقول الدار
الفلانية أصلحوا فيها كذا والبستان الفلاني افعلوا فيه كذا.


القصة السادسة : وفيما أذن أبو طاهر السلفي أن أحدث به عنه أن رجلا نزل به
الموت فقيل له: قل لا إله إلاّ الله فجعل يقول بالفارسية: ده يازده ده
وازده تفسيره: عشر بإحدى عشر.

فنسأل الله جل جلاله أن يحفظنا من سوء الخاتمة
وصلى الله وسلم على سيدنا محمد